اهمية الكتابة في الكتاب المقدس في الكرازة
استخدام الكتابة لإيصال كلمة اللهمقدمة
عندما نتكلم عن التبشير ما يراود أذهاننا هو التكلم عن الخبر السار الذي حصل منذ حوالي الفي عام بموت وقيامة المسيح وبالتالي حصلنا على خلاص من مشكلة الخطية الرهيبة. لذلك نستنتج أن التبشير لا بد أن يحصل من خلال الكلام. ألم تبدأ الكنيسة بالبشارة في يوم الخمسين بعد أن حل الروح القدس على التلاميذ ومن ثم خرجوا جميعا إلى عامة الشعب ليكرزوا بالانجيل؟ ونذكر كيف أن الرسول بطرس وقف الوقفة الشجاعة أمام اليهود الذين كانوا "رجالا أتقياء من كل أمة تحت السماء ساكنين في أورشليم" (أعمال 2: 5)، أي من مختلف المناطق والالسنة، وقال خطبته الشهيرة. فكانت النتيجة فورية حيت أنهم "نخسوا في قلوبهم" وأيضا "انضم في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف نفس" (أعمال 2: 41). فحلم الكثير من المبشرين ان يصلوا إلى ما وصل إليه بطرس ويكون الحصاد وفير بذات الحجم. فلا بد من اعتماد نفس الاسلوب للوصول إلى نفس النتيجة، أليس كذلك؟ وأيضا نذكر المأمورية العظمة التي أوصانا بها الرب يسوع المسيح في قوله: "فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم" (متى 28: 19). لذلك نرى معظم المبشرين والمهتمين بموضوع البشارة يرتكزون على الكلام المباشر في الكرازة.
لدي إهتمام خاص في اسلوب آخر في الكرازة. وما إذا قارنا كل اساليب الكرازة، كالوعظ الكرازي، وعمل الفردي، والكرازة في الهواء الطلق، لرأينا أن الكرازة من خلال المطبوعات تختلف جليّا عن باقي الاساليب بأنها لا تعتمد على الكلام الشفهي اطلاقاً بل على الكتابة. لذلك لا يمكن إلا أن نسأل: هل استعمال الكتابة في الكرازة هو أمر أمر كتابي ويوافق مشيئة الرب أم هم اختراع الانسان وبالتالي يمكن أن يكون وسيلة خاطئة أو أقلّه غير محبذة؟
عندما تبحث عن كيفية وصول كلمة الله لنا، نرى أن الوسائل الاولى كانت من خلال تناقل الشفوي عبر الأجيال. فنرى كيف أن عمل الله مع البشر بدأ منذ خلقه الرجل الاول والإمرأة الأولى: آدم وحواء، وتابع عمله مع أخنوخ، نوح، إبراهيم، وثم موسى. كل هذه المدة كان تناقل الأحداث عن عمل الله مع البشر شفوي، وقد ساعد طول عمر الإنسان وذاكرته القوية بالوصول أخبار الاحداث بأمانة. لكن عندما نريد اليوم أن نعرف عن عمل الله وخطة خلاصه لنا، نفتح الكتاب المقدس وبكل بساطة نقرأ الكلمات المكتوبة والمطبوعة. فأهم وسيلة تبشير عندنا اليوم هي الكتاب المقدس، أي وسيلة الكرازة من خلال المطبوعات. فبفضل هذه الوسيلة وصلت إلينا كلمة الله بدقة وأمانة وبرعاية الروح القدس. ولعل هذه الوسيلة أفضل من الوسيلة الشفوية التي فقدت عنصر العمر الطويل في حفظ الرسالة ولكون الكتابة قادرة على حفظ التفاصيل بدقة افضل.
إستشهاد يسوع بالمكتوب
من أهم ما يزيد ثقتنا بالكتابة كوسيلة فعالة هو استشهاد يسوع بالمكتوب. كان سلاح يسوع الأبرز ضد تجارب ابليس في البرية هو المكتوب.
" فأجابَ وقالَ: «مَكتوبٌ: ليس بالخُبزِ وحدَهُ يَحيا الإنسانُ، بل بكُلِّ كلِمَةٍ تخرُجُ مِنْ فمِ اللهِ»" (متى 4: 4)
"قالَ لهُ يَسوعُ: «مَكتوبٌ أيضًا: لا تُجَرِّبِ الرَّبَّ إلهَكَ»" (متى 4: 7)
"حينَئذٍ قالَ لهُ يَسوعُ: «اذهَبْ يا شَيطانُ! لأنَّهُ مَكتوبٌ: للرَّبِّ إلهِكَ تسجُدُ وإيّاهُ وحدَهُ تعبُدُ" (متى 4: 10)
و مع كلامه مع تلميذي عمواس، كليوباس ورفيقه، وبّخهما لعدم معرفة المكتوب " ثُمَّ ابْتَدَأَ مِنْ مُوسَى وَمِنْ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ يُفَسِّرُ لَهُمَا الأُمُورَ الْمُخْتَصَّةَ بِهِ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ." (لوقا 24: 27)
استشهاد التلاميذ بالمكتوب
مرقس استشهد بالمكتوب في انجيله: "كما هو مَكتوبٌ في الأنبياءِ: «ها أنا أُرسِلُ أمامَ وجهِكَ مَلاكي، الّذي يُهَيِّئُ طريقَكَ قُدّامَكَ" (مرقس 1: 2)
وتذكر التلاميذ أنه مكتوب: "غيرة بيتك أكلتني" (يوحنا 2: 17) عندما اخرج يسوع الباعة من الهيكل بالسياط.
وعندما كلم بولس اليهود في مجمع انطاكية بيسيدية عن قيامة المسيح فقال: "'إنَّ اللهَ قد أكمَلَ هذا لنا نَحنُ أولادَهُمْ، إذ أقامَ يَسوعَ كما هو مَكتوبٌ أيضًا في المَزمورِ الثّاني: أنتَ ابني، أنا اليومَ ولَدتُكَ" (أعمال 13: 33). وفي رسالة بولس الى اهل كورثوس تحدث عن دور جميع المؤمنين في التبشير فقال: "'فإذْ لنا روحُ الإيمانِ عَينُهُ، حَسَبَ المَكتوبِ: «آمَنتُ لذلكَ تكلَّمتُ»، نَحنُ أيضًا نؤمِنُ ولِذلكَ نَتَكلَّمُ أيضًا" (2 كورنثوس4: 13)
رسائل عهد الجديد
معظم عهد الجديد هو رسائل كتبت للتعليم والتبشير. فالرسائل، كما سنرى لاحقا، هي وسيلة في استخدام المطبوعات في التبشير. كتب معظم الرسائل بولس لكن أيضا يوحنا وبطرس وغيرهم من التلاميذ والرسل.
الكتابة كبرهان صحة الكتاب المقدس
لم تصل وحدها كلمة الله إلينا بفضل الكتابة، بل أيضا كتابات الآباء. من أساسيات برهان صحة كتاب المقدس هو استطاعتنا من إستخراج معظم آياته من كتابات الآباء. واستخدام الكتابة نقلت إلينا كلمة الله بأمانة وانتشرت في جميع أنحاء العالم وترجمت إلى عدة لغات. وهذا النسخ والترجمة ساهم في وصول رسالة الانجيل إلى كثيرين وحتى يومنا هذا.
أمر الرب بكتابة
نستطيع أن نرى أمر الرب المباشر لأنبيائه بالكتابة كوسيلة للتوثيق لتدوم الكلمة الى وقت قريب وبعيد كما نرى في أشعياء 30: 8 " تعالَ الآنَ اكتُبْ هذا عِندَهُمْ علَى لوحٍ وارسُمهُ في سِفرٍ، ليكونَ لزَمَنٍ آتٍ للأبدِ إلَى الدُّهورِ." وأيضا نرى ذلك في (خروج 34: 27، إرميا 30: 2، حبقوق 2: 2). ولا ننسى أن الرب نفسه كتب الوصايا العشرة على لوحي حجر (خروج 31: 18) وايضا كتب على مكلّس حائط قصر الملك (دانيال 5: 5).
أنواع الكتابة
الكتابة دخلت إلى حقل الكرازة من بابها الواسع. الرغبة في الكرازة والوصول إلى عدد أكبر من خطاة في مناطق أبعد وبلغات مختلفة دفعت المبشرين إلى البحث عن كيفية تحقيق ذلك من خلال ما يتاح من وسائل قد تساعد في نشر الخبر السار. ومع تقدم التكنولوجيا أصبح بين أيدينا وسائط عدة ومتكاثرة وأسرع وبأقل كلفة للوصول إلى عدد أكبر وأبعد من الخطاة. ومن أهم هذه الوسائل هي المطبوعات التي ساهم التقدم العلمي من دفع عجلتها إلى الأمام وبخاصة في الفترى الزمنية الأخيرة. نبدأ بالتكلم عن استعمال الورق والحبر وتخصص البعض في النسخ إلى ظهور المطابع التي سهلت وبشكل كبير عملية النسخ وبالتالي التكثير من انتاج المطبوعات.
فن الكتابة
الكتابة بشكل عام لها أهميتها تاريخيا. يوجد العديد من الكتاب الذين اشتهروا عبر التاريخ وفي بلدان مختلفة بسبب استطاعطهم ان يتملّكوا فن الكتابة. سهل عليهم الامر في تسخير قاواعد اللغة وبلاغاتها لإظهار إبداعهم في توصيل الفكرة في أبهى طريقة. فجذب القارئ هو الذي يحدد مدى نجاح الكاتب او فشله. الموهبة في الكتابة لها دور كبير لكن صقل هذه الموهبة من خلال الاطلاع على انجتزات الآخر ودرس القواعد والقراءة الحثيثة كان له دور كبير في امتياز الكاتب. فالاعتماد على الموهبة فقط لا يحمل بالكاتب الى البعد المرجو لنجاح كتاباته. فالنجاح هو جذب العدد الاكبر من القرّاء.
الكتابة الكرازية لا تختلف ابدا عن أي كتابة اخرى إلا بالهدف. فهي تهدف إلى توصيل خبر الخلاص إلى الخطاة لكي يقبلوا هذا الخبر وينالوا هذا الخلاص. فهذا الهدف هو أسمى بكثير وبالحري يجب على كاتبه أن ببذل جهدا أكبر للتأكد من جودة كتاباته وجذب القراء لما في هذه الكتابة من رسالة مهمة للغاية.
انواع الكتابات الكرازية
المقال الكرازي: وهو نص يهدف إلى توصيل رسالة الخلاص إلى القارئ بشكل تفصيلي بصبغة الملقي إلى المتلقي ومن ثم يحث إلى اتخاذ موقف حسب هدف المقال، إما في قبول المسيح أو تحفيذه على البحث المتواصل عن الحقيقة. ويتكون المقال الكرازي حول نقطة أو فكرة معينة يبنى عليها الكاتب مثلا: جواب لسؤال متداول، حادثة معيّنة (معاناة وألم، موت المبكر لأحد)، مشكلة، عادات متبعة خاطئة أو صحيحة، ملاحظة دقيقة لموضوع يخطئ فيه الحكم عليه عادة، أو حديث معيّن مع شخص يستخلص منه العبر. ويكون محور المقال موضوع رسالة الخلاص مدعومة من أيات الكتاب المقدس. يحتوي المقال عادة على 3 إلى 5 صفحات. يمكن استخدام المقال في مجلة روحية أو موقع الكتروني.
القصة القصيرة الكرازية: من خصائص القصة القصيرة أنها تتحدث عن فترة زمنية قصيرة. فهي مشوقة إذ أن الجميع يحب سماعها. مسلية، تحرك المشاعر، وتشغل الخيال وتقرب الفكرة المنشودة إلى الواقع بطريقة جذابة إذ يستطيع القارئ الفهم بطريقة افضل. إستخدم يسوع القصص بوفرة في كرازته.
النبذات الكرازية: فهي كتابة قصيرة ملفتة للنظر وتشجع على قراءتها وخاصة ان الكتير من الناس أصبحوا يقرأون أقل ويبغون الوصول الى النتيجة بشكل أسرع. فهي تصل إلى القارئ أينما كان دونما الحاجة منه أن يقصدها. سهل توزيعها حتى الذين يصعب عليهم تبشير شفهيا. يمكن للقارئ أن يقرأها عدة مرات لفهمها جيدا وأيضا إعطاؤها لشخص آخر.
الرسائل الشخصية: هي الاقرب إلى القارئ من أي وسيلة أخرى إذ تفترض معرفة الكاتب بالقارئ ومعرفة أحواله وبالتالي فهي متخصصة له. لذلك فإن احتمال قراءتها أكبر وتأثيرها أعمق. الرسالة الشخصية في أيامنا هذه يمكن أن تكون رسالة الكترونية أو دردشة الكترونية أو تعليق خاص على الانترنت، مثلا الفايسبوك. ولسهولة استعمال هذه التقنية وفي الوقت الذي يختاره القارئ فاحتمال تلقي تجاوبا منه كبير.
الكتب الكرازية: فهو الاسلوب الذي بواسطته نستطيع أن نتعمق أكثر بكثير في موضوع الكرازي والتدرج في الافكار بشكل اطول لكي نضمن فهم القارئ واهتمامه أينما كان مستوى معرفته واهتمامه.
الترانيم الكرازية: الترنيمة هو شعر ملحّن. فالشعر يؤثر في النفس بسهولة لما يستطيع ان يحمله من تعابير محرّكة للعواطف. وأضف الى ذلك اللحن الذي هو لغة المشاعر. فهناك اللحن الفرح والحزين والهتاف والتعبّد. الترنيمة سهلة الخفظ لوجود اللحن والقافية فيسهل على الانسان تردادها والتأمل بكلماتها. فالرسالة الكرازية من خلال الترنيمة لها سهولة أوفر في التأثير بالنفس.
التقسيم من حيث التفاعل
يمكن أيضا تقسيم الكتابات الكرازية من خلال مدى تفاعل الكاتب مع القارئ. أولا، هناك التعليمي إذ أن النص موجه إلى القارئ دون التوقع أي رد، مثل: الكتب، المقالات، المجلات، الكتابات التعليمية والوعظية. ثانيا، هناك الشخصي وهو يدخل بشكل أعمق إلى القارئ إذ يتقرب أكثر من خلال إختبرات الكاتب الشخصية التي كتبت لنوع معيّن من القرّاء، مثلا: المدونات، الإختبارات، الرسائل، والدردشات والتعليقات الالكترونية. ثالثا، هناك الخلاق كالقصص الخيالية، والشعر، والترانيم، والنصوص الدرامية والمسرحيات والأفلام.
الحسنات- الكتابة هي عابرة للزمان والمكان والحضارات وذلك بفضل النسخ والطبع والترجمة.
- الكتابة يمكن قراءتها في أي مكان وبالسرعة التي يريدها القارئ.
- الكتابة يمكن تناقلها من شخص إلى آخر. لذلك فهي لها فعالية أكبر بكتير وامكانية الى الوصول لعدد اكبر.
- الكتابة تبقي حتى بعد عدم وجود الكاتب.
- الكتابة غير مكلفة. فبأيامنا هذه ومع وجود المطابع والالكترونيات يسهل جدا انسخها وأيضا ارسالها إلى أي مكان في العالم بكلفة زهيدة نسبيا. حتى في الايام العابرة فإن اكتابة هي أسهل في الوصول إلى الناس لسهولة حملها وحفظها ونشرها بالنسبة إلى فعل ذلك مع الكاتب نفسه.
- لا يوجد شركة بين الكاتب والقارئ رغم هدم هوة الزمان والمكان.
- لا يوجد شركة بين الكاتب والقارئ رغم هدم هوة الزمان والمكان.
- الكتابة تحد من التعبير باسلوب واحد ومحدود بمحدودية الأحرف الابجدية والقواعد الكتابية. فلا يمكنها أن تعبر من خلال نبرة الصوتية والمناظر الخارجية كتعابير الوجه واليدين والجسد وهذا يفتح الباب لتفاسير عدة، مثل قول المسيح لبطرس أنت الصخرة وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي (متى 16: 18)
- قد يستبغ الكاتب بالفوقية والحس بالسلطان والغرور وعدم مراعات شعور الآخر ولا يعرف خلفية الآخر.
- يصطاد استحسان الآخرين، ربما هذا جيد للكتابات العلمانية لكن ليس للبشارة.
ما يجب فعله
يجب اعلان الاعتماد على الله والروح القدس
بجب عدم زيادة او الانتقاص من كلمة الرب (رؤيا 22: 18-19)